اندلعت موجة احتجاج إلكترونية قوية داخل السعودية عقب انتشار مقطع فيديو لرجل الأعمال الشهير يزيد الراجحي يتحدث فيه عن موضوع الضمان الاجتماعي المطوّر، من داخل طائرته الخاصة، الأمر الذي أثار استياء واسع بين المواطنين.
في الفيديو، بدا الراجحي وهو يدعو إلى عدم الاعتماد الكامل على الدعم الحكومي، وقال إن “أي قرار يُتّخذ هدفه مصلحة المواطن على المدى البعيد” ووجّه دعوة ضمنية لاعتبار الأخطاء مقبولة عندما يقوم المسؤولون بعملهم. هذا التصريح، خاصة أن المتحدث بدا من بيئة فاخرة (طائرته الخاصة)، صُدّر على أنه يمثل انفصالاً بين التجربة اليومية لمعظم المواطنين وبين “من هم في الأعلى”.
تصاعد الانتقادات والمقاطعة
ردود الفعل الساخطة على الفيديو جاءت سريعة ومكثفة في مواقع التواصل. هاشتاج #مقاطعة_يزيد_الراجحي تصدر قوائم الأكثر تداولًا في تويتر داخل السعودية، حيث عبّر عدد كبير من المغردين عن رفضهم الشديد لتصريحاته التي وصفوها بـ “المستفزة” و”المتعالية على معاناة المواطنين”.
ولم تقتصر الدعوات على مجرد غياب الدعم الأخلاقي: بل طالب البعض بمقاطعة شركات يزيد الراجحي التسعة، وتوسّع الحديث إلى مقاطعة مصرف الراجحي ذاته، رغم أن الأخير يُعد كيانًا مستقلاً. كثير من النقّاد أشادوا بأن التصريح زاد من الإحساس بالفجوة الطبقية والتمييز الاجتماعي داخل المملكة.
كيف ردّ مشاهير على الحملة؟
مع انتشار الحملة، دخل عدد من المشاهير على الخطّ ليدلّوا بآرائهم، فكان التباين سيد الموقف:
- بعضهم أبدى تأييده للحق في الانتقاد والتعبير الشعبي، مؤكدًا أن أي شخصية عامة يجب أن تخضع للمساءلة.
- آخرون حاولوا تهدئة الأجواء، داعين إلى تجنب الهجوم الشخصي أو التشهير، ورأوا أن الحملة يجب أن تركز على القضية لا الشخص.
- بعض الحسابات الإعلامية دافعت عن الراجحي، معتبرة أن أي شخص محلل للأخطاء ينبغي أن ينطلق من نية الإصلاح، لكن تدخل المشاعر وتصاعد الكلام السام شكّلا عقبة في هذا التفسير.
هناك أيضاً مشاهد تداولت من جانب الجمهور للمقارنات بين حالة المواطن العادي وحياة الرفاه لدى أصحاب الملايين، كنوع من “التأديب الرقمي” لمَن يتموضع فوق السطح الإعلامي.
كيف تعامل الشعب السعودي مع الأزمة؟
الجمهور السعودي، ومن خلال منصات التواصل، أظهر عدة أنماط للتفاعل:
- المقاطعة البادِرة: دعا البعض إلى التوقف عن متابعة حسابات يزيد أو شركاته، وامتنعوا عن التعامل معه تجاريًا.
- التعبير على شكل ميمات وسخرية: استخدم كثيرون الفكاهة أو السخرية كوسيلة للتنفيس عن الغضب، وتحويل القضية إلى حديث يومي بين الناس.
- النقاش الجدلي: ظهر نقاش مكثّف حول “حدود الكلام العام” و”متى يُطلب من الشخص العام أن يراعي حساسية المتابعين”.
- الاعتماد على المنصات المدنية: بعض الجماهير استخدمت حسابات مؤثرة لنشر قصص واقعية لمستفيدين من الضمان، لتوضيح أبعاد المعاناة اليومية.
- المطالبة بمراجعة السياسات الاجتماعية: بروز الأصوات التي تطالب الحكومة بإعادة النظر في آليات الضمان الاجتماعي، وضمان أن تكون الإجراءات أكثر عدالة وشفافية.
دلالات ومآلات محتملة
- ترمز هذه الحادثة إلى أزمة ثقة بين بعض شرائح المجتمع من جهة، والنخبة الاقتصادية أو الإعلامية من جهة أخرى.
- يبرز السؤال: هل التصريح كان تجاهلاً لواقع الفئات الهشة، أم تم تقديره في سياق “النصح والنظر إلى المدى البعيد”؟
- من الممكن أن تؤدي هذه الضغوط إلى استجابة رسمية: مراجعة بعض قرارات الضمان، إصدار بيانات توضيحية، أو حتى استدعاء الأطراف للنقاش العام.
- كما أن التداخل بين الرأي العام والإعلام الرقمي يتضح بشكل جلي: فالأفراد العاديون باتوا قادرين على التأثير في المشهد العام بسرعة تفوق أي وقت مضى.